تحقيق.. إخفاق جديد ينضاف للكرة المغربية ولقجع في برجه العاجي لا يمس ولا يحاسب

أخفق المنتخب الوطني لكرة القدم، من جديد في تحقيق اللقب القاري الذي لطالما حلم به الشعب المغربي، والذي غاب عنه منذ سنة 1976، ومعه أخفقت الجامعة الملكية المغربية برئاسة فوزي لقجع في تحقيق الهدف، بالرغم من الميزانية المهولة التي ترصد للمنتخبات، وفي مقدمتها المنتخب الأول.

“لا جديد.. فالمغاربة اعتادوا على الإقصاء عندنا كاس ربحناه مللي كان الحكم تيصفر بيدو”، هذه الجملة التي تستخدم كثيرا من أجل تخدير الرأي العام، وكأن الشعب طبع مع الهزيمة والإقصاء، ولا يجب أن يتأثر لهذا الحدث الجلل، وستمر الزوبعة في سلام دون محاسبة ومساءلة، كما سبق ومرت من قبل، فيكفي أن يطل على المغاربة رئيس فريق ما في إذاعة خاصة أو قناة، لبسط التبريرات الواهية، أو محلل ما يحول البوصلة نحو المدرب أو مصطفى حجي، وبهذا تكون المهمة قد تمت بنجاح، وتم توجيه الرأي العام بحرفية كبيرة لتنسى المشكلة الحقيقية، وهي أن الخلل في المنظومة ككل، ونوعية المسؤولين الذين يسيرون الأجهزة الرياضية في المغرب.

“سبورتايم” ستسلط الضوء اليوم على ميزانية جامعة لقجع التي فشلت في إضافة لقب رسمي لخزينتها، وعلى مصادر الأموال التي تحصل عليها، وأين تصرف حسب ما جادت به التقارير المالية السابقة، لكن في البداية سنعود بالذاكرة لسنة 2009، التي أقصي فيها “الأسود” أمام منتخب الغابون، والتي بعدها استقال الجنرال دوكور دارمي حسني بنسليمان من منصب رئاسة الجامعة، ليخلفه علي الفاسي الفهري، ليتم بعدها بتوجيهات من جلالة الملك محمد السادس، إبرام اتفاقية شراكة بين الحكومة المغربية والجامعة، تستفيد على إثرها الأخيرة من دعم شركات الدولة.

وحصلت جامعة الكرة على مبلغ 7 مليار سنتيم ونصف سنويا من صندوق الإيداع والتدبير، و7 مليار سنتيم ونصف سنويا من المكتب الشريف للفوسفاط، بالإضافة إلى 7 مليار سنتيم ونصف سنويا من بنك المغرب، كل هذا من أجل النهوض بكرة القدم الوطنية، كما تحصل الجامعة سنويا على مبلغ 11 مليار سنتيم من الشركة الوطنية للإذاعة والتفلزة، وهي عائدات النقل التلفزي، وأيضا على 2 مليار سنويا من وزارة الرياضة والشباب، ومليار سنتيم ونصف من “إنوي”، ومليار من شركة كوكا كولا ومثلها من سيدي علي.

أنفقت الجامعة حسب التقرير المالي الذي أعلنت عنه في الجمع العام الذي انعقد في الصخيرات سنة 2019، 82 مليار سنتيم، مقابل 88 مليار سنتيم في موسم 2016/2017، على المنتخبات الوطنية بمختلف فئاتها السنية، إلى جانب منح الدعم السنوي التي تقدم للأندية والجوائز المالية.

وكلفت المنتخبات الوطنية بمفردها جامعة لقجع، مبلغ 19 مليار و740 مليون سنتيم، والإدارة التقنية 4 ملايير و400 مليون، أما البطولة الوطنية الاحترافية فكلفت ميزانية الجامعة 26.7 مليار سنتيم، إلى جانب 9.2 مليار سنتيم لبطولة الهواة.

أرقام كبيرة صرفتها الجامعة آنذاك، علما أن المنتخب الوطني أخفق في المنافسات التي شارك فيها، سواء نهائيات كأس العالم في روسيا 2018، أو كأس إفريقيا للأمم 2019 في مصر، تلك الدورة التي أقصي فيها ”الأسود” أمام منتخب البنين، صاحب أضعف ميزانية في القارة الإفريقية بـ300 مليون سنتيم، ليصرح بعدها لقجع قائلا: “لو شاغم (le charme) ديال كرة القدم هو يغلبك منتخب صغير” (فيديو التصريح)، ليتكرر السناريو ذاته في ”كان” الكاميرون 2021، غير أن هذه المرة تم إقصاء النخبة الوطنية أمام زعيم القارة المنتخب المصري، لكن في المحصلة النتيجة ذاتها، الإخفاق تلو الإخفاق، فالجامعة التي مداخلها الرسمية هي 40 مليار سنتيم، ومصاريفها تتجاوز الـ80 مليار، تعجز دائما في التظاهرات الكبرى عن تحقيق المراد، باستثناء لقبي كأس الأمم الإفريقية للمحليين “شان”، هذه المنافسة التي لا أهمية لها على المستوى القاري، ولا وزن لها.

يتضح من خلال ما سبق، أن الخلل الحقيقي هو في المنظومة، في المسؤولين، إذ يتغير المدرب وتستبعد أسماء من لائحة المنتخب وتتم المناداة على أخرى جديدة، لكن دار لقمان تبقى على حالها، ونفس الوجوه دائما تتصدر المشهد بدون إضافة، سيقول قائل البنيات التحتية في المغرب في عهد لقجع أصبحت أفضل وعشب طبيعي وما إلى ذلك، والجواب هو أن البنية التحتية من تمويل الحكومة بعقد برنامج بمبلغ 150 مليار سنتيم تشرف عليه وزارات الداخلية والرياضة والتجهيز فيما تكتفي الجامعة بالصور والترويج لذلك، والمحصلة هي أن مشاركات المنتخب الوطني في التظاهرات الكبرى نتائجها كارثية ولا ترقى للمطلوب، الواقع يقول أن المغرب منتخب صغير بدون إنجازات يقصى أمام منتخبات أصغر منه، وبميزانية لا تصل حتى سدس ميزانية الجامعة، الواقع يقول أن بطولتنا الاحترافية وأنديتنا الوطنية تعجزان عن إنتاج مواهب كروية كبيرة كما كان عليه الحال من قبل، ونكتفي بانتظار ما ستجود به علينا الأندية الأوروبية، التي تصرف أموالها على لاعبين مغاربة يفضلون في آخر المطاف حمل قميص بلدهم الأصل..

ولعل أفضل عبارة سيختم بها المقال هي للمرحوم مصطفى مديح غفر له الله وأسكنه فسيح جناته، “المشكلة في الكار وتنبدلو الشيفور”، وهنا سنطرح سؤالا يفرض نفسه.. ألم يحن الوقت للتغيير؟